17 - 07 - 2024

أزمة لبنان محاولة لإشعال حرب"مذهبية".. فتش عمن يستشير "بن سلمان" 

أزمة لبنان محاولة لإشعال حرب

دور مصر ضروري في نزع فتيل الأزمة ومخاوف من اتجاه المنطقة لدمار من أجل تحجيم حزب الله

لبنان تتحول إلى ساحة المواجهة بين الشيعة والسنة وعودة سعد الحريري وأسرته للبنان تفكك الأزمة

 

بدأت القصة يوم الاثنين 30 أكتوبر، عندما سافر الحريري إلى السعودية لعقد لقاء شخصي مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والذي جرى بشكل جيد، وكان الحديث مؤكدا لاستمرار دعم الرياض لبيروت وبعد عودته في 1 نوفمبر، أطلع مجلس وزرائه على مجريات الزيارة، وطمأنهم، بأن لبنان لن يكون في دائرة استهداف السعودية، بالرغم من ميل "بن سلمان" إلى مواقف أكثر تشددا حيال إيران، وذلك بحسب "واشنطن بوست".

وكان الحريري يخطط للعودة إلى الرياض، للاجتماع مع الملك سلمان يوم الاثنين، 6 نوفمبر، ولكن الجدول تغير عندما تلقى اتصالا عاجلا يبلغه أن الأمير يريد الاجتماع به يوم الجمعة 3 من نوفمبر، ولم يتم اللقاء وظل منتظراً في بيته بالرياض، قبل أن يتم استدعاؤه حوالي الثامنة صباح السبت، بعيداً عن المراسم المعتادة، ثم اختفى تماما لعدة ساعات، حتى ظهر على شاشة التلفزيون، حوالي الساعة 2 بعد الظهر ليقرأ بيان استقالته، مستخدما لهجة عدائية تجاه إيران غير معتادة منه.

وأكد محللون سياسيون أن وضع رئيس الوزراء اللبناني المستقيل، سعد الحريري، يشبه الإقامة الجبرية، في إطار مواجهة السعودية مع إيران وحليفها حزب الله، محذرين من خطورة الوضع الذي يضع المنطقة على "صفيح ساخن"، وربما يكون نواة لحرب "مذهبية"، مطالبين القاهرة بأن يكون لها دور في نزع فتيل الفتنة من خلال الضغط على الرياض بالسماح لعودة الحريري إلى وطنه.

إعدادات لحرب مذهبية

بداية يقول السفير معصوم مرزوق مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الأحداث التي تشهدها لبنان تتبلور في كونها إعدادات حثيثة لبث الفتنة بين السنة والشيعة في الوطن العربي استعداد لحرب مذهبية تشعل النيران في منطقة الشرق الأوسط، وتقف وراء هذه المؤامرة الكبرى كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وظهر هذا جليا في لغة دونالد ترامب العنيفة والتي بدأ يستخدمها مؤخرا تجاه إيران، إضافة إلى تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي صرح بأنه سينقل الحرب إلى طهران، موضحا أنه لا يجرؤ أن يقول هذا الكلام إلا إذا كان مدعوما ومدفوعا من "واشنطن".

وحول اختيار رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، السعودية ليعلن استقالته، توقع معصوم مرزوق، أن يكون "الحريري" أجبر على الاستقالة بتعليمات من ولي العهد محمد بن سلمان، وذلك بعد مقابلة الأول لمستشار الرئيس الإيراني قبل زيارته المملكة، قائلا: "أغلب التقارير شبه المؤكدة توضح أنه أُجبر عليها، فهو ليس لديه خبرة أو اتصالات واسعة مع الخليج كي يختار بنفسه".

وقال يجب أن ينتبه الجميع حتى لا ننزلق المنطقة في حرب تأكل الأخضر واليابس والمستفيد الوحيد الكيان الصهيوني "إسرائيل".

وعي القيادة المصرية

وتمنى معصوم، أن تعي القيادة السياسية المصرية ما يدور على الساحة جيداً، وألا يتم سحبنا إلى هذه الفتنة التي يتم الإعداد لها وهي حرب مذهبية ربما تدمر الشرق الأوسط، قائلا: "ما فيش فائدة من إخفاء حجم التحديات والتهديدات الحقيقية التي تواجه المنطقة فهي كبيرة جداً ولا يمكن الاستهانة بها ويجب أن يعرفها الجميع ليقوم كل منهم بدوره كما ينبغي".

وتوقع سيناريوهات سيئة تقود الشرق الأوسط إلى انفجار كبير يطول الجميع باستثناء الكيان الصهيوني، إلا إذا استطاعت مصر أن تلعب الدور القوي والإيجابي المطلوب منها والمقدر لها بحكم تاريخها وثقلها في المنطقة، وأن يكون هناك اتصال وضغط على صناع القرار في الرياض لنزع فتيل الأزمة قبل انفجارها في وجه الجميع.

تحجيم حزب الله

ومن جانبه قال السفير رخا أحمد حسن مساعد وزير الخارجية الأسبق، هناك مجموعة دول وعلى رأسهما إسرائيل لديهم الرغبة في تحجيم حزب الله وتقليم أظافره بعد عودته منتصرا من سوريا، وذلك لدوره الملموس في إخراج داعش، وأصبح للحزب خبرات عسكرية في ميدان المعركة، وأسلحة وعتاد حصل عليها خلال اشتباكاته مع التنظيم الإرهابي، موضحا أن هناك تخوفات كبيرة من تمادي الحزب الموالي للدولة الشيعية في لبنان.

وقال إن كلا من "الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة" يعملون معا على كيفية مواجهة حزب الله وإيران وتحجيم دورهما أو تماديهما في المنطقة وقطع الاتصالات بين بيروت وطهران وذلك بعد هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، قائلا: "إن ما فعله سعد الحريري لم نشهد مثله لأنه لأول مرة رئيس حكومة يستقيل من خارج دولته بهدف تفكيك الوضع الداخلي".

وأشار رخا أحمد حسن، إلى أن السعودية تريد مواجهة إيران على أرض لبنان، بعد تفوق الأخيرة عليها في سوريا والعراق واليمن، إضافة إلى محاولة تغطيتها على الوضع الداخلي في المملكة، مؤكدا أنه يجب فض الاشتباك بالسماح لـ "الحريري" بالعودة إلى بيروت وأن يستكمل مهام عمله ، أو يتم فرض شخصية أخرى من نفس تجمعه.

سيناريوهات متوقعة

ووضع مساعد وزير الخارجية الأسبق 3 سيناريوهات متوقعة للأزمة اللبنانية تضمنت: أن يرجع الحريري ويصر على استقالته ويعود تشكيل الحكومة مرة أخرى إلى نقطة طويلة للبداية ويكون هناك تفاوض طويل المدى لتشكيلها مرة أخرى ويتم التفاهم على وجود حزب الله.

السيناريو الثاني:، هو عدم عودة الحريري خوفا على حياته كما أدعى مما يزيد الموقف تعقيدا بين الجانب المؤيد للسعودية والأخر الذي وصل إلى التشكيل الحالي والذي يرى أنه حق مكتسب لحزب الله وجوده في التشكيل الحكومي.. كما يتضمن السيناريو الثالث: عودة الحريري وأن يعيد تشكيل الحكومة مع تحجيم دور حزب الله فيها.

وفي السياق ذاته قال اللواء محمد رشاد رئيس مركز الوعي العربي للدراسات الإستراتيجية، إن الموقف في لبنان تأمري وهو نوع من تصفية الحسابات بين السعودية وإيران للتخلص من حزب الله وتحجيم تمدده في لبنان عن طريق طرف ثالث بمعاونة ودعم إسرائيل والولايات المتحدة، وذلك بعد عودته منتصرا من سوريا.

وبين اللواء رشاد أن اختيار سعد الحريري الرياض ليعلن استقالته، لأنها أكثر الدول المتضررة من حزب الله، الذي كان أحد الحصون التي ساهمت في منع سقوط بشار الأسد، وعدم تحقيق أهداف الرياض في المنطقة، إضافة إلى أن الحريري لديه الجنسية السعودية، واستخدمته الأخيرة كأداة لتحقيق أهدافها.

ونوه الخبير العسكري والاستراتيجي، إلى أن ما تقوم به السعودية يدفع إلى صراع إقليمي لتصفية حساباتها مع إيران، بغض النظر عن النتائج المتوقعة والتي قد تكون كارثية على الشرق الأوسط، متوقعا أن يتم السيطرة على الموقف من قبل الرئيس اللبناني ميشيل عون.

وتابع أن الرئيس اللبناني ميشال عون تفهم الأزمة ولم يقبل استقالة سعد الحريري وأعتبره في منصبه حتى لا يكون هناك خلل في منصب رئيس الوزراء، كما أن الأخير جاء بناءًا على توافق "مقايضة" مع حزب الله، أن يكون الحريري رئيسا للوزراء وعون رئيسا للبنان.